بين إيران وصهيون.. كتاب يكشف التاريخ الشائك لليهود داخل بلاد فارس
اليوم السابع -

فى ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، تبرز الحاجة لفهم الجذور التاريخية للعلاقة بين اليهود والدولة الفارسية، وهى علاقة معقدة ومتشابكة لا تقتصر على اللحظة السياسية الراهنة، وكتاب "بين إيران وصهيون: التاريخ اليهودى لإيران فى القرن العشرين" للمؤرخ ليور ستيرنفيلد، أستاذ التاريخ والدراسات اليهودية بجامعة ولاية بنسلفانيا، يقدم قراءة معمقة وموسعة لهذه العلاقة، مستندًا إلى شهادات ومقابلات وأرشيفات وقصص عائلية، فى محاولة لرصد تحولات المجتمع اليهودى فى إيران خلال قرن كامل.

الكتاب هو أول دراسة شاملة من نوعها، تغطى الفترة من الثورة الدستورية الإيرانية عام 1905 إلى ما قبل الثورة الإسلامية عام 1979، ويستعرض ستيرنفيلد من خلاله كيف شكّل اليهود الإيرانيون مجتمعًا متنوعًا ومتفاعلاً مع السياقات السياسية والاجتماعية المتغيرة، على خلاف نظرائهم فى دول الشرق الأوسط الأخرى الذين هاجر معظمهم بعد أربعينيات القرن العشرين.

ورغم أن معظم المجتمعات اليهودية فى المنطقة شهدت تناقصًا حادًا بعد منتصف القرن العشرين، فإن إيران شكّلت استثناءً. فقد استمر وجود اليهود فيها، بل ونما مجتمعهم وتنوّع بفعل موجات هجرة متلاحقة، بدأت مع يهود العراق الذين فرّوا من التجنيد العثمانى خلال الحرب العالمية الأولى، ثم تلتها موجة ثانية بين عامى 1941 و1951 هربًا من الاضطهاد والمذابح، حيث استقروا مؤقتًا فى معسكرات تديرها منظمات إغاثة يهودية قبل أن يتوجه أغلبهم إلى الأرض المحتلة.


إيران وصهيون

وفى سياق الحرب العالمية الثانية، وصل إلى إيران عدد من اليهود البولنديين الذين رحّلهم السوفييت إلى سيبيريا باعتبارهم "عناصر معادية"، ثم نُقلوا لاحقًا إلى إيران والهند بعد تحالف السوفييت مع بريطانيا ضد المحور، واستقبلت الجالية اليهودية الإيرانية هؤلاء اللاجئين، وقدّمت لهم دعمًا ملموسًا عبر لجان إغاثة، ووفّرت لهم الإقامة سواء فى المعابد أو فى بيوت العائلات اليهودية.

مع إعلان قيام دولة الاحتلال (إسرائيل) عام 1948، شهدت الجالية اليهودية فى إيران تحوّلات ديمغرافية جديدة، إذ هاجر نحو خمس أو ربع يهود إيران إلى إسرائيل، غالبيتهم من الفئات الأفقر القادمة من القرى، ونتيجة لذلك، رسّخت الفئات الباقية وجودها فى الحواضر الكبرى مثل طهران وشيراز وأصفهان، حيث أعادت تنظيم مؤسساتها واستفادت من دعم منظمات الإغاثة الدولية.

وخلال عهد الشاه محمد رضا بهلوي، تحسّن الوضع القانونى والاجتماعى لليهود الإيرانيين، وازدادت مشاركتهم فى الحياة العامة، بما فى ذلك النشاط السياسي، إذ شارك بعضهم فى حزب "توده" الشيوعى والحركات الطلابية، كما ظهرت منظمات يهودية فكرية ونقابية، أبرزها "جمعية المثقفين اليهود الإيرانيين"، لكن هذه الديناميكية لم تمنع الانقسام داخل المجتمع اليهودى إبان الثورة الإسلامية عام 1979، بين من تمسّكوا بالنظام القديم ومن تعاطفوا مع الثورة.



إقرأ المزيد