تحليل.. تنازلات في خطة زيلينسكي لإنهاء حرب أوكرانيا والكرة في ملعب بوتين
موقع سي ان ان بالعربية -

(CNN)-- ألمح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى استعداد جديد لتقديم تنازلات بشأن عدة نقاط تفاوضية رئيسية كانت تُهدد بعرقلة عملية السلام الوليدة مع موسكو، ما يضع الكرة فعليًا في ملعب روسيا.

في اجتماعٍ غير مسبوقٍ وصريحٍ وشاملٍ مع الصحفيين، الثلاثاء، قدّم زيلينسكي تفاصيل جديدة حول خطةٍ من عشرين بندًا وصفها بأنها "وثيقةٌ تأسيسيةٌ لإنهاء الحرب، ووثيقةٌ سياسيةٌ بيننا وبين أمريكا وأوروبا وروسيا". كما ناقش الرئيس الأوكراني تفاصيل الضمانات الأمنية بين أوكرانيا والولايات المتحدة والدول الأوروبية، والتي ستُشكّل جزءًا أساسيًا من أي اتفاق سلام مع روسيا.

وقال زيلينسكي إنه يتوقع تلقّي ردٍّ من موسكو، الأربعاء، بعد تواصل الجانب الأمريكي مع الكرملين.

وتُمثّل مسودة الاتفاق المكونة من عشرين بندًا نسخةً مُختصرةً من خطةٍ أصليةٍ من ثمانية وعشرين بندًا ناقشتها الولايات المتحدة سابقًا مع الجانب الروسي. وفي تصريحاته، أوضح زيلينسكي ما يعتبره الجانب الأوكراني حلًّا وسطًا مقبولًا لسحب قواته من أجزاءٍ من منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، والتي لا تسيطر عليها القوات الروسية حاليًا.

تشمل هذه المنطقة "حزام الحصون" الذي يضم مدنًا أوكرانية محصنة مثل كراماتورسك وسلوفيانسك في منطقة دونيتسك، والتي تقف حاليًا عائقًا أمام أي تقدم روسي محتمل في عمق أوكرانيا. وقد صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن على أوكرانيا التنازل فعليًا عن كامل دونيتسك لكي تنجح خطة السلام.

وفي معرض شرحه لموقف بلاده، قال الرئيس الأوكراني إن روسيا ستضطر إلى سحب قواتها بما يعادل مساحة الأرض التي تنازلت عنها القوات الأوكرانية، مما سيؤدي فعليًا إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح حول بعض خطوط المواجهة الحالية.

وقال زيلينسكي: "إذا أنشأنا منطقة اقتصادية حرة هنا، تتضمن منطقة منزوعة السلاح فعليًا - أي سحب القوات الثقيلة منها - وكانت المسافة، على سبيل المثال، 40 كيلومترًا (قد تكون 5 أو 10 أو 40 كيلومترًا) - فإذا كانت مدينتا كراماتورسك وسلوفيانسك منطقتنا الاقتصادية الحرة، فسيتعين على الروس سحب قواتهم تبعاً لذلك مسافة 5 أو 10 أو 40 كيلومترًا".

أهم نقاط مسودة الخطة:

من بين النقاط الرئيسية الأخرى لمسودة الخطة التي حددها زيلينسكي، بما في ذلك التعديلات المقترحة من كييف:

• تأكيد سيادة أوكرانيا واتفاقية عدم اعتداء بين روسيا وأوكرانيا.

• ضمانات أمنية مقدمة لأوكرانيا من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والدول الأوروبية، والتي قال زيلينسكي إنها "تعكس المادة 5" - وهي مبدأ الدفاع عن النفس المتبادل، وهو حجر الزاوية في حلف الناتو. يدعو هذا المخطط إلى رد عسكري وإعادة فرض العقوبات على موسكو في حال غزو روسيا لأوكرانيا، لكن سيتم إلغاء هذه الضمانات إذا شنت أوكرانيا هجومًا على روسيا أو أطلقت النار على الأراضي الروسية دون استفزاز.

• حزمة تنمية لدعم الانتعاش الاقتصادي لأوكرانيا بعد الحرب، تشمل إنشاء صندوق تنمية أوكراني للاستثمار في التكنولوجيا ومراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى استثمار الشركات الأمريكية في قطاع الغاز الطبيعي الأوكراني. وقدّر زيلينسكي إجمالي الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب بنحو 800 مليار دولار.

• مقترح تسوية لتشغيل محطة زابوروجيا للطاقة النووية، التي تسيطر عليها روسيا حاليًا. وقال زيلينسكي إن أوكرانيا تقترح أن تتولى شركة مشتركة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا تشغيل المحطة، على أن تذهب 50% من إنتاج الكهرباء إلى أوكرانيا، وتخصص الولايات المتحدة النسبة المتبقية.

• انسحاب القوات الروسية من مناطق دنيبروبيتروفسك وميكولايف وسومي وخاركيف في أوكرانيا.

• اتفاقية ملزمة قانونًا، يُشرف على تنفيذها ويضمن تنفيذه مجلس سلام برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

• وقف إطلاق نار كامل يدخل حيز التنفيذ فور موافقة جميع الأطراف على الاتفاق.

يُعدّ التحكم بالأراضي النقطة الأكثر تعقيدًا في أي اتفاق، إلى جانب التسلسل المحتمل للأحداث. كما تحدث زيلينسكي بإسهاب عن استفتاء شعبي محتمل في أوكرانيا من شأنه أن يُضفي الطابع الرسمي على إنهاء الحرب.

وقال زيلينسكي: "سيختار الشعب حينها: هل هذه النهاية تُناسبنا أم لا؟. هذا هو الاستفتاء. يتطلب الاستفتاء 60 يومًا على الأقل. ونحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار حقيقي لمدة 60 يومًا؛ وإلا فلن نتمكن من الحفاظ عليه".

تتعرض أوكرانيا لضغوط لإجراء انتخابات في أسرع وقت ممكن بعد توقيع الاتفاق. لطالما أكد بوتين أن الحكومة في كييف غير شرعية، وأن إجراء الانتخابات ضروري لنجاح اتفاق السلام. انتهت ولاية زيلينسكي الرئاسية عام 2024، لكن لا يمكن إجراء الانتخابات في ظل الأحكام العرفية المفروضة بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، وهي إجراءات حرب أقرها البرلمان الأوكراني.

شهدت جهود السلام التي تقودها إدارة ترامب، برئاسة المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاريد كوشنر، تقدمًا بطيئًا في الأسابيع الأخيرة. خلال عطلة نهاية الأسبوع، التقى وفد أوكراني برئاسة وزير الأمن القومي الأوكراني رستم أوميروف ومبعوث الكرملين كيريل ديميترييف بشكل منفصل مع نظرائهم الأمريكيين في محادثات وصفها ويتكوف بأنها "بناءة ومثمرة".

في مؤتمر صحفي عبر الهاتف، الأربعاء، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن ديمترييف قدّم لبوتين "إحاطة مفصلة حول نتائج زيارته إلى ميامي. وبناءً على هذه المعلومات، ستُحدد موسكو خطواتها التالية وستُواصل الاتصالات في القريب العاجل عبر القنوات القائمة".

وامتنع بيسكوف عن الخوض في التفاصيل، قائلاً إن موسكو تعتبر مناقشة المفاوضات في الصحافة "غير مُجدية".



إقرأ المزيد